بين سبحانه وتعالى أن الناس ينقسمون في هذا اليوم العظيم إلى قسمين: شقي وسعيد، ثم بين جزاء الأشقياء وجزاء السعداء {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى:{مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، فقيل: إن هذا جرى على أساليب العرب، وأن العرب إذا أرادوا أن يصفوا شيئًا بالدوام، قالوا: هذا دائم ما دامت السماوات والأرض، والمراد هنا مطلق الدوام، كما هو عادة العرب في أساليبها.
وقيل: إن المراد جنس السماوات والأرض؛ لأن الآخرة أيضًا فيها سماء وفيها أرض، لكنها غير هذه السماء، وغير هذه الأرض الموجدتين الآن؛ لأن الله تعالى يقول:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم: ٤٨] ، فالمراد هنا بالأرض وبالسماء الجنس، وإن كان العين مختلف، والمعنى: أن هؤلاء الكفار لا يخرجون من هذه النار أبد الآباد، وأنهم مخلدون فيها.
أما الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ في الآيتين المراد بالاستثناء في الآية الأولى في حق الأشقياء {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ، الذي عليه أكثر المفسرين: أن المراد بهذا الاستثناء