سؤال: ما معنى قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف: ٣٦] ؟
الجواب: معنى الآية (ومن يعش) أي: يتعامى ويتغافل ويعرض عن ذكر الرحمن، والعشي في العين: ضعف بصرها.
والمراد هاهنا عشي البصيرة، أي: عمى القلب عن كتاب الله عز وجل بأن لا يتدبره ولا يقبل عليه، ولا يكثر من تلاوته.
{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} هذا كقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}[النساء: ١١٥] ، وكقوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[الصف: ٥] ، وكقوله تعالى:{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}[فصلت: ٢٥] ، بمعنى: أن من أعرض عن كتاب الله، وعن هداية الله، فإن الله عز وجل يعاقبه بعمى البصيرة، ويعاقبه بقرناء السوء من شياطين الإنس والجن الذين يصرفونه عن الحق، ولهذا قال تبارك وتعالى هاهنا:{وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف: ٣٧] ، أي هذا الذي تغافل عن الهدى، يقيض له من الشياطين من يضله ويهديه إلى صراط الجحيم، فإذا وافى الله عز وجل يوم القيامة، يتبرم بالشيطان الذي وكل به، قال:{يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}[الزخرف: ٣٨] ، يعني: القرين والمقارن. نسأل الله العافية والسلامة.