للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعالى قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ، فلم يجبهم إلى سؤالهم، وإنما بين أنها من خصوصياته سبحانه وتعالى، وأنه هو الذي خلقها، وهو الذي يعلمها ولا يعلمها أحد من الخلق، فهي سر من الأسرار، ولا تزال سرًّا، وهذا من معجزات القرآن، فإنه مع تقدم الطب والمهارة فيه، ومع حرص الناس على البحث في هذا الشأن، لم يعرفوا شيئًا عن حقيقة الروح {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ، على أن المراد بالروح: ما يحيا به الإنسان، هذا السر الذي يحيا به الإنسان، يكون حيًا، وإذا فارقته مفارقة تامة يكون ميتًا، وإذا فارقته بعض المفارقة يكون نائمًا، فالروح لها اتصالات بالبدن، اتصال بالبدن وهو في بطن أمه، واتصال بالبدن بعدما يولد في الحياة الدنيا، وهو مستيقظ، واتصال بالبدن وهو نائم، واتصال بالبدن وهو في القبر، واتصال بالبدن في الدار الآخرة، وهذا الاتصال الأخير اتصال لا مفارقة بعده، فهذه الروح من العجائب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.

وقيل: المراد بالروح جبريل عليه الصلاة والسلام.

وقيل: المراد بالروح ملك من الملائكة، أو جماعة من الملائكة.

فعلى كل حال، فالروح سر من أسرار الله لم يطلع عليها عباده سبحانه وتعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} ، فالبشر مهما أوتوا من العلوم والمعارف، فإن علمهم قليل، أو لا شيء بالنسبة لعلم الله سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يعني القرآن أن الله سبحانه وتعالى أنزل هذا القرآن نعمة ومنة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى

<<  <  ج: ص:  >  >>