ويقلبون الحق باطلًا والباطل حقًا بشعرهم وألفاظهم، فهم يهيمون في أودية الباطل، ويلونون مقاصدهم وأشعارهم حسب ما يريدون، فهم متقلبون، لا يثبتون على حالة، تارة يمدحون وتارة يذمون، وتارة يقرون بالفسق والخمر والزنا وغير ذلك، هذه من صفات غالبهم.
والصفة الثالثة: أنهم يقولون ما لا يفعلون، فهم يحثون على الكرم والشجاعة والبطولة وغالبهم جبناء وبخلاء، ولا ينفذون ما يقولون وربما يمدحون أنفسهم بأشياء ليست من صفاتهم فهم يقولون ما لا يفعلون، وهذا من أعظم أنواع العيوب، أن الإنسان يقول ما لا يفعل {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢، ٣] ، ثم إن الله استثنى أهل الإيمان وأهل الصدق من الشعراء {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}[الشعراء: ٢٢٧] ، فالشعراء الذين استعملوا شعرهم لنصرة الحق، والرد على المبطلين، هؤلاء استثناهم الله عز وجل، مثل حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وشعراء الصحابة الذين صار شعرهم للدعوة الإسلامية والدفاع عن الحق، والذب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا يعتبر من الجهاد في سبيل الله، ومن نصر الحق، وهؤلاء قد استثناهم الله من الشعراء المذمومين.
سؤال: إذا يفهم من هذا أن هذه الآية لا تذم الشعر لذاته، وإنما الشعراء الذين يتصفون بهذه الصفات، أما إذا استخدم في أغراض نصرة الإسلام ورفعة شأنه، فهذا أمر محمود.