وإنما استحب تلقين الميت بعد دفنه جماعة من العلماء، وليس لهم فيما نعلم دليل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا يكون التلقين بعد الدفن لا أصل له من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما قال به بعض العلماء عن اجتهاد، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيؤخذ من قول المجتهد ما وافق الدليل ويترك منه ما لم يكن عليه دليل.
أما بالنسبة لما سألت عنه من تلقين النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم، فهذا لم أعثر له على أصل أيضًا، والظاهر أنه لا أصل له، وكيف يلقن النبي صلى الله عليه وسلم إبراهيم وقد مات وهو صغير ولم تجب عليه التكاليف الشرعية هذا مما يدل على أن هذا لا أصل له في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
والحاصل: أن الواجب على المسلم الرجوع إلى الحق، وإن خالفه من خالفه من الناس، وترك ما لم يقم عليه دليل وإن فعله من فعله من الناس؛ لأننا مكلفون باتباع الدليل، واتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، لا أن نأخذ ما وجدنا الناس عليه من غير ما تمحيص وعرض على الكتاب والسنة، هذا هو الذي أنصحك به، وأنصح به إخواني المسلمين، التلقين بعد الدفن لا أصل له في السنة، وإنما التلقين المشروع هو عند الاحتضار؛ لأنه هو الذي ينفع المحتضر ويعقله المحتضر؛ لأنه ما زال على قد الحياة، ويستطيع النطق بهذه الكلمة، هو لا يزال في دار العمل، ودار الدنيا؛ لأنها هي دار العمل، أما بعد الموت فقد انتهى وقت العمل، وختم العمل وانتقل إلى دار أخرى، والله تعالى أعلم.
سؤال: بعد دفن الميت في قبره، أليس من المشروع أو المطلوب الدعاء له وطلب التثبيت له، كما أمر بذلك الرسول في بعض الأحاديث؟