للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي، مما يدل على أن العلم بها وتحديدها ليس لنا فيه مصلحة خلاف ليلة القدر فإن الله أخبر أنها في رمضان، لأن الله تعالى قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] ، ثم قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١] ، فدل على أن ليلة القدر في شهر رمضان، فإن كانت لا تتعين في ليلة معينة من رمضان إلا أنه يترجح أنها في العشر الأواخر منه، وفي ليلة سبع وعشرين آكد الليالي عند الإمام أحمد وجماعة من الأئمة، وللعلماء في تحريها اجتهادات ومذاهب، ولكن هي في شهر رمضان قطعًا، فمن صام شهر رمضان وقام ما تيسر له من لياليه، فلا شك أنها قد مرت به ليلة القدر، ولا شك أن من شهد ليلة القدر له من الأجر بحسب نيته واجتهاده وتوفيق الله له.

فليلة القدر لها ميزة، لأنه شرع لنا فيها الاجتهاد في العبادة، والدعاء، والذكر، وتحريها بخلاف ليلة الإسراء، فهذه لم يطلب منا أن نتحراها، ولا أن نخصها بشيء من العبادات، وبهذا يظهر أن هؤلاء الذين يحتفلون بليلة الإسراء والمعراج أنهم مبتدعة، جاؤا بما لم يشرعه الله، ولم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحتفل كل سنة بمرور ليلة من الليالي يقول: إن هذه هي ليلة الإسراء، وليلة المعراج، كما كان يفعله هؤلاء المخرفون المبتدعة الذين اتخذوا دينهم طقوسًا ومناسبات بدعية، وتركوا السنن وتركوا الشرائع الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا مما يجب الانتباه له، وبيانه للناس، وأن الله شرع لنا الاجتهاد في ليلة القدر، وتحريها، والتقرب إليه فيها كل سنة؛ بخلاف ليلة الإسراء والمعراج، فلم يشرع لنا أن نتحراها، ولا أن نخصها بشيء، وأيضًا هي لم تبين لنا في

<<  <  ج: ص:  >  >>