للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُري المنتسب عن فعل الخير والاكتساب وهذا مما لا يدفع، إلا أن الأصل إذا طاب وسما زكا الفرع المنسوب إليه ونما لاسيما إذا كان الفرع طيباً في نفسه مميزاً بالصفات الحميدة عن أبناء جنسه مشهوداً له بالزكاء في نبته وغرسه مشهوراً بحسن فهمه وصحة حسه، وقد استدل بحفظ الله تعالى للأبناء كثمرة لصلاح آبائهم بقوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٨٢)} (١) كما أراد أن يبين فضل الأشعري بفضل نسبه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «الناس معادن، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام، إذا فقهوا» (٢) ثم استطرد في ذكر الأدلة في تأكيد هذا المعنى (٣).

قلت: والأمر لا يحتمل كل هذا فالأكرم عند الله هو الأتقى كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (٤). فإن انضم إلى التقى نسب شريف فنورٌ على نور، وإلا فلا يضر من لا نسب له شيء إذا كان صالحاً


(١) سورة الكهف الآية [٨٢].
(٢) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب: قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} حديث رقم [٣٣٨٣]. وأخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب من فضائل يوسف عليه السلام. برقم [٢٣٧٨].
(٣) انظر تبيين كذب المفتري من صـ (٣٦٤ - ٣٧٦).
(٤) سورة الحجرات، آية: ١٣.

<<  <   >  >>