لا يغنى فيه أحد عن أحد، منبهاً على أن الكفر به هو القاطع عن العلم وعن كل خير، فقال مؤكداً تأكيداً عظيماً، إشارة إلى أن أمرهم ينبغي أن ينكره كل من يسمعه، ولا يصدقه، لما على الآخرة من الدلائل الواضحة جداً الموجبة لئلا يكذب به أحد:{وهم بالآخرة} أي الدار التي لا بد من الجمع إليها، لأنها محط الحكمة {هم} أي بضمائرهم كما هم بظواهرهم، وفي تكرير الضمير تنبيه على أن هؤلاء اختصوا بهذا الجهل، وأن غيرهم وقفوا على الهدى {كافرون} أي عريقون في التغطية لها، فلذلك أظلمت قلوبهم فكانوا صوراً لا معاني لها؛ والملة: مذهب جماعة يحمي بعضها لبعض في الديانة، وأصله من المليلة، وهي حمى تلحق الإنسان - قاله الرماني.
وفي القاموس إن المليلة: الحر الكامن في العظم. وعبر ب {تركت} موضع «تجنبت» مثلاً مع كونه لم يلابس تلك الملة قط، تأنيساً لهما واستدراجاً إلى تركهما؛ ثم اتبع ذلك بما يدل على شرف أصله وقدم فضله بأنه من بيت النبوة ومعدن الفتوة، ليكون ذلك أدعى إلى قبول كلامه وإصابة