للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالاً، فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل)) .

وترجم له هناك بقوله: ((باب اغتباط صاحب القرآن)) فجعل هذا من الغبطة، وليس من الحسد، وتسميته حسداً من باب التجوز.

قال الحافظ: ((معنى قوله: ((لا تحاسد إلا في اثنتين)) أي: لا رخصة في الحسد إلا في خصلتين، أو لا يحسن الحسد – إن حسن -، وأطلق الحسد مبالغة في الحث على تحصيل الخصلتين)) (١) .

وقال النووي: قال العلماء: الحسد قسمان: حقيقي، ومجازي، فالحقيقي: تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة، مع النصوص الصحيحة.

وأما المجازي: فهو الغبطة، وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره، من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد من الحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين، وما في معناهما)) (٢) .

قوله: ((آتاه الله القرآن)) أي: منَّ عليه بحفظه، وهي من أعظم المنن، فإذا انضم إلى ذلك العمل به تمت نعمة الله، وذلك الذي قصد بقوله: ((فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار)) ومعنى: يتلوه: يقرؤه، ويعمل به.


(١) ((الفتح)) (٩/٧٣) .
(٢) ((شرح مسلم)) (٦/٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>