وآناء الليل والنهار: ساعاتهما، يعني: أنه يلازم ذلك في غالب أوقاتهما.
قوله:((فهو يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل)) هذا هو الذي أطلق عليه بأنه حسد، وهو حسد جائز؛ لأنه يتمنى الخير من غير ضرر بالغير.
فهو لم يتمن زوال ما أوتي صاحب النعمة، كما يفعل إخوان الشياطين، ولكنه تمنى أن يكون مثله، قد أوتي القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار.
وكذلك الآخر الذي تمنى أن يكون له من المال مثل ما للمنفق ماله في وجوه الخير.
ولم يرد زوال النعمة عن ذلك المنفق.
والشاهد من الحديث قوله:((آتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار)) فحفظ القرآن، وتلاوته، والقيام به، وكل ذلك عمل الإنسان، وهو مخلوق، وأما القرآن المحفوظ في الصدور، والمتلو المقوم به فهو كلام الله – جل وعلا -.
١٥٤- قال:((حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال الزهري عن سالم، عن أبيه، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل، وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار)) .
هذا الحديث كالذي قبله، فنكتفي بما تقدم.
***********
قال: ((باب قول الله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} .
قال الكرماني: ((لا بد في الرسالة من ثلاثة أمور: المرسل، والمرسل إليه،