رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ، فذكر إبلاغ ما أنزل إليه، ثم ذكر فعل تبليغ الرسالة، فقال:((إن لم تفعل فما بلغت رسالته)) فسمى تبليغه الرسالة وتركه فعلاً.
فلا يمكن لأحد أن يقول على الرسول:((إنه لم يفعل ما أمر به من الرسالة)) .
ثم روى عن ابن عباس، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – خطب الناس يوم النحر ثم رفع رأسه إلى السماء فقال:((اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟)) .
قال ابن عباس: والذي نفسي بيده إنها الوصية إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب. وذكر حديث أبي الأحوص، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:((وأتتني رسالة من ربي، فضقت بها ذرعاً، ورأيت أن الناس سيكذبونني، فقيل لي: لتفعلن، أو لنفعلن بك)) (١) يعني: أنه إذا بلغ فقد فعل ما أمر به، وتلاوته ما أنزل عليه من تبليغه، وذلك فعله.
ومقصوده من الآية: أن تبليغ الرسالة، وعدمه، كلاهما فعل للعبد وهو مخلوق، والرسالة هي أمر المرسل، ونهيه وقوله، وهو الله – تعالى -، وذلك ليس بمخلوق.
وقوله:{وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ} أي: تفعل التبليغ لعموم ما أنزله الله إليك، ولا تذر منه شيئاً، وهذا يدل على بطلان ما لم يبلغه من الأعمال، والاعتقادات وغيرها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بلغ كل ما أنزله الله عليه.
وقال الحافظ: ((احتج أحمد بهذه الآية على أن القرآن غير مخلوق؛ لأنه