والمقصود أن تبليغ الرسالة عمل الرسول، ونقل قول المرسل إلى المرسل إليه، فلذلك قال:((أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فجعل يحدثهم)) .
فحديثه إياهم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هو إبلاغهم الرسالة، وهو ما فيه أمره ونهيه مما هو شرع لله الذي كلف العباد به.
والله – تعالى – كلف رسله إبلاغ قومهم، وعلى ذلك يجزيهم ما يستحقون من الأجر، والجزاء يكون على عمل العامل.
١٥٥ – قال:((حدثنا الفضل بن يعقوب، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثنا سعيد بن عبيد الله الثقفي، حدثنا بكر بن عبد الله المزني، وزياد بن جبير بن حية، عن جبير بن حية، قال المغيرة: أخبرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – عن رسالة ربنا، أنه من قتل منا صار إلى الجنة)) .
هذا قطعة من حديث طويل يخاطب به المغيرة بن شعبه – رضي الله عنه – ترجمان عامل كسرى، لما سأله: ما أنتم؟ قال:((نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد، وبلاء شديد، نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث رب السماوات ورب الأرضين – تعالى ذكره وجلت عظمته – إلينا نبياً من أنفسنا، نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا، رسول ربنا أن نقاتلكم، حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة، في نعيم لم ير مثلها، ومن بقي منا ملك رقابكم)) (١) .
والمقصود قوله:((أخبرنا نبينا عن رسالة ربنا)) فهذا من الإبلاغ الذي
(١) انظر ((الصحيح)) (٤/١١٨) باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب.