للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((ومثله)) أي: ومثل هذا الاستعمال بالإشارة إلى القريب بما هو للبعيد.

قوله تعالى: {حَتَى إِذا كُنتُم فيِ الفُلكِ وَجَرَينَ بِهمِ} يعني: بكم، أي: أن الضمير الذي جعل للغائب، قصد به في هذه الآية الحاضر، فيكون مثل الإشارة للقريب بما هو موضوع للبعيد، وهذا سائغ في اللغة.

وعلماء البلاغة يقولون: إذا خرج اللفظ عما وضع له، فمقصود به نكتة بيانية، فالإشارة التي للبعيد إذا استعملت للقريب، دل على علو مكانة المشار إليه ورفعته.

قوله: ((وقال أنس: بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – خاله حراما إلى قوم. وقال أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ فجعل يحدثهم)) .

هذا طرف من حديث أخرجه في عدة أماكن من كتابه الصحيح، منها في الجهاد في أبواب متعددة، وفي أحدها قال: ((بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – أقواما من بني سليم إلى بني عامر، في سبعين، فلما قدموا قال لهم خالي: أتقدمكم، فإن أمنوني حتى أبلغهم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإلا كنتم مني قريبا، فتقدم فأمنوه، فبينما يحدثهم عن النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ أومئوا إلى رجل منهم فطعنه فأنفذه، فقال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجلاً أعرج صعد الجبل، فأخبر جبريل – عليه السلام – النبي – صلى الله عليه وسلم – أنهم قد لقوا ربهم، فرضي عنهم، وأرضاهم، فكنا نقرأ: بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا، وأرضانا، ثم نسخ بعد، فدعا عليهم أربعين صباحاً، على رعل، وذكوان، وبني لحيان، وبني عصية، الذين عصوا الله ورسوله)) (١) .


(١) انظر ((البخاري)) (٤/٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>