للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنقصان، وقد يقال: فلان حسن القراءة، أو رديء القراءة، ولا يقال حسن القرآن، أو رديء القرآن، وإنما نسب إلى العباد القراءة، لا القرآن؛ لأن القرآن كلام الله – عز وجل -، والقراءة فعل العبد، ولا يخفي هذا القدر إلا على من أعمى الله قلبه (١) .

قال: ((وأما قوله: ((فهل يرجع إلى الله إلا باللفظ الذي تلفظ به)) (٢) فإن كان الذي تلفظ به قرآناً فهو كلام الله؟ قيل له: ما قولك: تلفظ به؟ فإن اللفظ غير الذي تلفظ به؛ لأنك تلفظت بالله، وليس الله هو لفظك، وكذلك تلفظ بصفة الله، تقول: الله، وليس قولك: الله، هو الصفة، وإنما تصف الموصوف، فأنت الواصف، والله الموصوف بكلامه، كالواصف الذي يصف بكلام غير الله، وأما الموصوف بصفته وكلامه فهو الله)) (٣) .

يعني: أن الذي يقرأ كلام الله، فما يلفظ به هو كلام الله، وليس هو كلام القارئ، وإنما للقارئ حركة لسانه وشفتيه وصوته، وذلك فعله.

وإذا قرأ صفة الله في القرآن التي وصف الله بها نفسه، فليس القارئ هو الواصف لله – تعالى – وإنما يتلفظ بصفة الله التي قالها الله – تعالى – واصفاً بها نفسه.

((قال الضحاك: لم يحرم الله على بني إسرائيل طعاماً، وإنما حرموه على أنفسهم اتباعاً لأبيهم، ثم أضافوا تحريمه لله – عز وجل – فكذبهم الله – تعالى – فقال: {قُل فَأتُواْ بِالتَورَاةِ} أي: قل يا محمد لهم: ائتوا بالتوراة، التي فيها التحريم والتحليل {فَاتَلُوهَا} أي: فاقرءوها؛ حتى يتبين


(١) ((خلق أفعال العباد)) (ص١٩٩-٢٠٠) .
(٢) يعني المحتج بقول صلى الله عليه وسلم: ((إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه)) ، والعبد لا يرجع إلى الله إلا بعلمه، فيكون لفظه بالقرآن عمله.
(٣) ((خلق أفعال العباد)) (ص٢٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>