للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضا: ((وقد كتب النبي – صلى الله عليه وسلم – كتابا فيه ((بسم الله الرحمن الرحيم)) وقرأه ترجمان قيصر، على قيصر وأصحابه، ولا نشك في قراءة الكفار وأهل الكتاب أنها أعمالهم، وأما المقروء فهو كلام الله العزيز المنان، ليس بمخلوق، فمن حلف بأصوات قيصر، وبنداء المشركين الذين يقرون بالله لم يكن عليه يمين دون الحلف بالله؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحلفوا بغير الله)) (١) .

يعني: أن الصوت الذي تكون به القراءة ونحوها فعل ذلك المصوت، وفعل العبد مخلوق.

قال الحافظ: ((وجه الدلالة من الآية: أن التوراة بالعبرانية، وقد أمر الله تعالى أن تتلى على العرب، وهم لا يعرفون العبرانية، فقضية ذلك الإذن بالتعبير عنها بالعربية)) (٢) . وتقدم وجه مراده بالباب.

قوله: ((وقال ابن عباس: أخبرني أبو سفيان بن حرب أن هرقل دعا ترجمانه ثم دعا بكتاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فقرأه: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله، إلى هرقل، و {يَا أَهلَ الكِتابِ تَعَالَواْ إِلىَ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَينَنَا وَبَيَنكُم} الآية.

أبو سفيان كنية، ويكنى أيضا بأبي حنظلة، واسمه: صخر بن حرب بن أمية مشهور باسمه وكنيته، أسلم عام الفتح، وكان رئيسا لقومه قبل ذلك، وشهد مع النبي – صلى الله عليه وسلم – حنينا والطائف، وروي أن عينه أصيبت يوم الطائف، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((إن شئت دعوت فردت عليك، وإن شئت فالجنة)) قال: الجنة، مات في خلافة عثمان سنة أربع وثلاثين، وقيل غير ذلك، رضي الله عنه وعن أصحاب رسول الله جميعاً (٣) .

هرقل هو: ملك الروم، هذا اسمه، وهو بكسر الهاء وفتح الراء، وسكون


(١) المصدر السابق (١٥٨) .
(٢) ((الفتح)) (١٣/٥١٦) .
(٣) انظر ((الإصابة)) (٣/٤١٢) ، و ((الاستيعاب)) (٢/٧١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>