للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الله، سواء رجع الكلام، أو لم يرجع، فلا يخرجه ذلك عن كونه كلام الله، أبلغه إلى أمته عن ربه بصوته وروايته، ولكن هو يتصرف بصوته فيرفعه تارة، ويخفضه أخرى، ويرجع الكلام مرة، ويترك الترجيع أخرى، إذ ذلك فعله الذي يفعله إذا شاء.

*****

قال: ((باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها، لقول الله – تعالى: {قُل فَأتُواْ بِالتَّوراةِ فَاتلُوهَا إِن كُنتُم صَادِقِينَ} .

تقدم الكلام على هذه الآية، ومراده: أن التفسير والإيضاح والتفهيم لكلام الله من فعل المفسر، والمبين الموضح لمن لا يفهم ذلك الكلام، وهذا كله فعل العباد وهو مخلوق، كما أن القراءة، والكتابة، والحفظ، فعل العبد وهو مخلوق.

وأما المكتوب المقروء والمحفوظ إذا كان من كتب الله، فهو كلام الله.

وكذلك التفسير، والتبليغ، والتبيين، فعل العبد المفسر المبين، وهو مخلوق، وأما المفسر المبين المبلغ فهو كلام الله.

ومثل ذلك الترجمة من لغة إلى أخرى، فإن الترجمة فعل المترجم، ولهذا استدل في كتابه: ((خلق أفعال العباد)) ، على أن كلام العباد مخلوق، وهو من أفعالهم بقوله تعالى: {وَمِن أيَاتِهِ خَلقُ السّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَاختِلاَفُ أَلسِنَتِكُم وَألَوَانِكُم} ، ثم قال: ((فمنها العربي، ومنها العجمي، فذكر اختلاف الألسنة والألوان، وهو كلام العباد)) (١) .

وروى عن حماد بن زيد أنه قال: ((من قال: كلام العباد ليس بمخلوق فهو كافر)) (٢) .


(١) انظر (١٩٦) .
(٢) المصدر (١٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>