فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فما أول ما ارتخصتم أمر الله؟
قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخر عنه الرجم، ثم زنى رجل في امرة من الناس، فأراد رجمه، فحال قومه دونه، وقالوا: لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم.
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((فإني أحكم بما في التوراة)) فأمر بهما فرجما.
قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَا أَنَزَلنَا التَّورَاةَ فِيهَا هُدَىَ وَنُورُ يَحكُم ُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسلمُواْ} كان النبي – منهم)) (١) .
فهذه القصة تبين سبب مجيئهم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن الذي جاء بالزانيين هم اليهود، رجاء أن يحكم عليهما بغير ما أتى في التوراة من الرجم، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أحيا حكم الله فيها بعد ما أماتوه.
قوله:((ما تصنعون بهما؟)) يعني: ما هو حكم الله فيهما الذي في كتابكم؟ فكتموه، وقالوا:((نسخم وجوههما، ونخزيهما)) أي: نسود وجوههما بالفحم، ويركبان على حمار يطاف بهما في الطرق، قفا كل واحد إلى قفا الثاني، وهذا هو الخزي الذي يفعلونه بهما.
فقال لهم النبي – صلى الله عليه وسلم -: {فَأتُواْ بِالتَّوراةِ فَاتلُوهَا إِن كُنتُم صَادِقِينَ} أن ما ذكرتم هو حكم الله فيهما الذي في التوراة.
ومعلوم أنهم ينقلون ما فيها بالعربية كما هو ظاهر؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لا يعرف العبرانية.
((فقالوا لرجل ممن يرضون: يا أعور، اقرأ، فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه)) يرضون، يعني: يثقون به، وأنه موافق لهم على كتمان