كتابه، مثل أن ينهى عن شيء، ويأمر به في مكان آخر، أو ينفي الشيء، ويثبته في مكان آخر، ونحو ذلك، وهذا لا وجود له في كتاب الله – تعالى -.
الثاني: اختلاف تنوع وتغاير، وهو جائز في الكلام، وكثير؛ لأن كل واحد لا ينافي الآخر، وذلك نحو قوله تعالى:{لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} بفتح التاء من ((علمت)) وضمها؛ لأن موسى – عليه السلام – خاطب فرعون بهذا، وهذا، فأنزل الله المعنيين جميعاً.
ومثلها قوله تعالى:((ننشرها)) و ((ننشزها)) فالانتشار، الإحياء، والإنشاز: هو التحريك، والحياة حركة، فلا فرق بينهما.
وكذلك ((فزع عن قلوبهم)) و ((فرغ)) ؛ لأن فزع: خفف عنها الفزع، وفرغ: أزيل، وأخليت منه، وكل ما في القرآن من تقديم وتأخير، أو زيادة أو نقصان، فعلى مثل هذه السبيل.
فإن قيل: هل يجوز أن نقرأ بجميع هذه الأوجه؟
قيل: كل ما كان منها موافقا لرسم المصحف [وقرأ به الأئمة، ونقل نقلاً متواتراً] جاز لنا أن نقرأ به؛ لأن الصحابة قد أجمعوا على ما فعله أمير المؤمنين، وحرقوا ما خالف المصحف الإمام، فلا يجوز لأحد أن يخالف المصحف الذي أجمع عليه الصحابة، رضوان الله عليهم، كما لا يجوز أن نكتب مصحفاً مخالفاً له (١) .
وقال الحافظ: ((اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على أقوال كثيرة، أبلغها أبو حاتم ابن حبان إلى خمسة وثلاثين قولاً.
وقوله:{فَاقرَءُواْ مَا تَيَسَرَ مِنهُ} ، يدل على التوسعة في القراءة،
(١) ((تأويل مشكل القرآن)) (ص٣٤-٤٢) ببعض التصرف والتلخيص.