للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يختار طريق الهدى، أو طريق الردى، وكل واحد من الفريقين يجد نفسه غير مدفوع إلى ذلك، بل يفعله عن رغبة منه، واختيار، ولو حيل بينه وبين ما يريده لربما قاتل من يحاول أن يصده عن مراده، والله – تعالى – ييسر للعبد من العمل ما يستحق به ما كتب عليه وقدر، قبل أن يخلق، ولهذا قرأ النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى {٥} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى {٦} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى {٧} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى {٨} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى {٩} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} .

وتقدم وجه الدلالة من الحديث لمراد البخاري في الحديث الذي قبله، وهو أن التيسير يدل على أن العبد الذي يسر له العمل عامل حقيقة، ويدخل في ذلك قراءة القرآن، فهي عمل القارئ، وأما المقروء فهو كتاب الله – تعالى – كما سبق.

قال ابن المنير: ((ما ذكره البخاري في هذا الباب راجع إلى ما تقدم من وصف القراءة بالتيسير، وهذا يدل على أنها فعل [العبد] ، ويشهد [له] قوله: كل ميسر لما خلق له، ومما خلق له التلاوة، والله أعلم)) (١) .

قوله: ((ومما خلق له التلاوة)) يعني: أنها عمل الإنسان الذي يترتب عليه مصيره الذي كتب له، كما مر في الحديث.

ذكر شيخ الإسلام أن الجهمية افترقت على ثلاث فرق، فرقة تقول: القرآن مخلوق، وفرقة تقول: كلام الله، وتسكت، وفرقة تقول: ألفاظنا


(١) ((المتواري)) (ص٤٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>