للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاشتغال بنظرها، وكتابتها، لا يجوز بالإجماع، وقد غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – حين رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: ((لو كان موسى حياً، ما وسعه إلا اتباعي)) ولولا أنه معصية ما غضب.

ونظَّر الحافظ بهذا الكلام، وقال: ((الظاهر: أنه مكروه كراهة تنزيه، وقال: الأولى، التفرقة بين من لم يتمكن، ويصر من غير الراسخين في الإيمان، فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك، بخلاف الراسخين، فيجوز لهم، ولا سيما عند الاحتجاج، ويدل على ذلك نقل الأئمة قديماً وحديثاً من التوراة)) (١) .

وتحريف معانيها وتفسيرها بغير المراد، فهذا ظاهر جداً، ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف، وكثير من آيات القرآن صريحة في هذا، وهو مراد البخاري بقوله: ((ولكنهم يحرفونه: ويتأولونه عن غير تأويله)) أي: يحرفون معانيه، ويفسرونه بما لم يرده المتكلم، اتباعاً لأهوائهم.

قال ابن القيم: ((التأويل: تفعيل من آل يؤول إلى كذا: إذا صار إليه، فالتأويل التصيير، وأولته تأويلاً: إذا صيرته إليه)) (٢) .

وتسمى عاقبة الشيء تأويلاً؛ لأن الأمر يصير إليها، وكذلك حقيقة الشيء المخبر به، كما قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} (٣) .

وعند المتأخرين، التأويل هو: صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه، إلى ما هو أخفى منه؛ لدليل يقترن بذلك، والدليل قد يكون عقلياً، وقد


(١) ((الفتح)) (١٣/٥٢٥) .
(٢) انظر ((الصواعق)) (١/٧٧) .
(٣) الآية ٥٣ من سورة الأعراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>