ولكن يبقى أن يقال: هل التوراة والإنجيل التي بأيدي اليهود، والنصارى، هي التي أنزل الله على موسى وعيسى، لم يذهب منهما شيء ولم يزد عليهما شيء؟ هذا الذي لا يستطيع أحد أن يجزم به، فالصحيح: أنه حصل في ألفاظهما التبديل والتغيير، وأن بعض ألفاظها أزيل، ووضع بدله غيره، لا كما يقول البخاري – رحمه الله -.
فإن كانت التوراة هذه، الموجودة اليوم بأيدي الناس، فلا شك في تغيير وتبديل بعض ألفاظها حسب الترجمة العربية.
فقد جاء في الإصحاح التاسع عشر، من سفر التكوين، من التوراة، قوله:((صعد لوط من زغر، وسكن في الجبل، وابنتاه معه، إذ خاف من المقام في زغر، وسكن في مغارة هو وابنتاه معه، فقالت الكبيرة للصغيرة، أبونا شيخ، وإنسان، ليس في الأرض للدخول علينا كسبيل كل الأرض، تعالي نسقي أبانا خمراً وننضجع معه، ونبقي من أبينا نسلاً، فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة)) (١) إلى آخر الكلام، وهو باطل قطعاً، وقد نزه الله نبيه لوطاً – عليه السلام _ أن يقع على ابنتيه، فتحبلان منه، وإنما هذا من وضع اليهود أعداء الله – تعالى -.
فقوله:((وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله – عز وجل -)) غير مسلم، بل بدل بعض ألفاظها، كما سبق في كلام شيخ الإسلام أنه الصحيح.
((قال الزركشي: اغتر بعض المتأخرين، بما قاله البخاري، فقال: إن في تحريف التوراة خلافاً، هل هو في اللفظ والمعنى، أو في المعنى فقط؟ ومال إلى الثاني، ورأى جواز مطالعتها، وهو قول باطل، ولا خلاف أنهم حرفوا، وبدلوا،