هذه من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ربه – جل وعلا – عن طريق الإلهام، أو المنام، أو بواسطة الملك، وهي مضافة إلى الله – تعالى – قولاً له، ويختلف عنها القرآن، بأنه كلام الله المنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – نزل به الروح الأمين، المتحدى به، أو بسورة منه، المتعبد بتلاوته.
قوله:((ومن أظلم)) يعني: أن فاعل ذلك، ظالم ظلماً لم يبلغه أحد، فهو استفهام يفيد كثرة الظلم، وعظمه، وإنكاره.
ومعنى ((ذهب)) : قصد وفعل ذلك.
وقوله:((كخلقي)) يعني: في الصورة فقط، وإلا فلا أحد من الخلق، يقدر أن يوجد حياة فيما يصوره، مهما أوتي من الفكر، والإمكانيات المادية، وغيرها، فلن يستطيع ذلك، ولهذا قال:((فليخلقوا ذرة)) أي: ليوجدوا فيها الحياة أو ليوجدوها من العدم، وليجعلوا فيها روحاً تحيا بها، وليس هذا بمقدور الخلق ولو اجتمعوا له.
ثم انتقل بهم إلى ما هو أسهل من ذلك، وهو الحبة التي تكون بها حياة النبات، فإذا وضعت في الأرض، وسقيت بالماء نبتت بإذن الله، ولن يستطيع المصورون أن يخلقوا تلك الحبة، بل ذلك ليس في مقدور الخلق كلهم.
ثم قال:((وليخلقوا شعيرة)) ، والشعيرة أقل قيمة من الحبة، ولكن فيها من الحياة ما في الحبة، فإذا كان المصورون، وغيرهم الذين يضاهئون الله في خلقه، عاجزين عن خلق الحبة والشعيرة، فضلاً عما فيه روح، فكيف يذهبون يصورون الصور التي فيها مضاهاة لخلق الله – تعالى؟ ولعظيم جرمهم، استحقوا من العذاب، ما لا يكون لسائر أهل الكبائر.
والمقصود بالأمر في قوله:((فليخلقوا ذرة)) إلى آخره، التعجيز وإذلالهم لذلك، وتعذيبهم.