للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرب الأمثال يراد به تقريب المعنى إلي الفهم.

والمقصود بالمثل هنا: الوصف والحال, فالمؤمن طيب في نفسه, وما من عمل يكون طيبا, فلهذا جعل - صلى الله عليه وسلم – مذاقه طيبا، ورائحته التي تتعدى إلى من حوله طيبة, وإن كان المقصود بهذا الحديث من يحمل القرآن ويقرؤه, فغير القراءة من الأعمال يلتحق بها.

فإذا كان حامل القرآن مؤمنا, عاملا به, صادف محلا قابلا, فأثمر.

والأترجة, تجمع طيب المذاق, وطيب الرائحة ,وحسن المنظر ,وطيب نكهتها ,وجودة الهضم ,وفيها منافع أخرى, فناسب تمثيل المؤمن القارئ للقرآن بها.

قال الحافظ: ((وقع في رواية شعبة، عن قتادة: ((المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به)) وهي زيادة مفسرة للمراد، وأن التمثيل وقع بالذي يقرأ القرآن، ولا يخالف ما اشتمل عليه من أمر، ونهي، لا مطلق التلاوة)) (١) .

قوله: ((والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها)) يعني بالمؤمن الذي لا يقرأ القرآن: هو الذي لا يحفظه، ولا يتلوه، فالإيمان بالله ورسله وما جاءت به طيب، ومذاقه حلو، ولكن إذا آمن بالقرآن، وعمل به، وهو لا يقرؤه، فاتته الرائحة الطيبة، والله – تعالى – يجمع الطيبين فيسكنهم دار الطيبات، كما يجمع الخبيث بعضه إلى بعض فيركمه فيجعله في جهنم.

قال الحافظ: ((قيل: خص صفة الإيمان بالطعم، وصفة التلاوة بالريح؛ لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن، إذ يمكن حصول الإيمان بدون القراءة)) (٢) .


(١) ((الفتح)) (٩/٦٧) .
(٢) ((الفتح)) (٩/٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>