للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: ((ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها مر)) .

الفاجر أصله ومذاقه مر خبيث، وإذا قرأ القرآن كان ما يصدر منه من القراءة طيب، ولكن مصدر القراءة خبيث، ومثل القراءة بالرائحة التي يدركها من حوله، فلما كان هذا العمل طيباً، صار مثل الرائحة الطيبة، الصادرة من محل خبيث، مؤذ، ضار، وإن كان ينتفع برائحته.

قوله: ((ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر، ولا ريح لها)) يعني: اجتمع فيه خبث الأصل، وخبث العمل، فلا نفع فيه لنفسه ولا لغيره، بل هو ردىء مؤذ في نفسه، ولا علم له ينتفع به.

قال النووي: ((فيه فضيلة حافظ القرآن، واستحباب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد)) (١) .

والمقصود بقارئ القرآن، من حفظه، وتعاهده بكثرة التلاوة؛ للوقوف على أسرار معانيه، والعمل بأوامره، والانتهاء عن مناهيه، والاتعاظ بمواعظه، والتأدب بآدابه، لا مجرد الحفظ والتلاوة.

وكلام الله – تعالى – له تأثير في باطن العبد، وظاهره، إذا كان مؤمناً به، والعباد متفاوتون في ذلك، فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك، وهو المؤمن المتقي التالي له، ومنهم من لا نصيب له البتة، وهو المنافق، ومن تأثر ظاهره دون باطنه فذلك المرائي)) (٢) .

والمراد منه للباب: أن هذا التفاوت، في وصف المؤمن القارئ، وغير القارئ، والفاجر والمنافق، يدل على أن ذلك عملهم، تفاوت بالإيمان مع


(١) ((شرح مسلم)) (٦/٨٣) .
(٢) ((مكمل إكمال الإكمال)) ملخصاً (٢/٤١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>