للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ما يستند إلى التجربة، والعادة، فيستدل على الحادث، بما وقع قبل ذلك، وقد يكون ذلك بنوع من السحر، أو بنوع يضاهي السحر، مثل: الزجر، والطرق، والنظر في النجوم.

ومنها: ما يستند إلى ظن وتخمين وحدس، وقد يبتلي الله – تعالى – بهذا النوع بعض الناس، فيقع له ما ظنه، فيكون ذلك فتنة له، ولغيره مع كثرة الكذب فيه (١) .

قوله: فقالوا: يا رسول الله. فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقاً)) أي: إن الكهان يخبرون بالأمر، فيقع مثل ما أخبروا به. فالحق: هو الخبر المطابق للواقع، يعني: الصدق.

فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – جواباً على هذا الإيراد: ((تلك الكلمة من الحق، يخطفها الجني)) أي: أن الحق الذي يقع في خبر الكاهن، يكون مما خطفه الجني، الذي هو الشيطان مسترق السمع، من الملائكة الذين يكونون في السحاب، فيتحدثون بينهم فيما أوحاه الله إليهم، فيخطف الجني الكلمة منهم.

((فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة)) أي: يرددها مثل ترديد الدجاجة صوتها، بترجيع، وزمزمة، ولهذا صارت أخبار الكهان كذلك.

وهو يرددها لتستقر في ذهنه ويحفظها، هذا إذا لم يصبه الشهاب، الذي يرسله الله عليه، فأحياناً يقتله الشهاب، وقد يذهب بعقله، وقد يسلم.

وسمى الكاهن ولياً للشيطان؛ لأنه يطيعه ويتولاه، أو أراد العموم في الكاهن والمنجم، والعراف، ونحوهم ممن يتولى الشياطين.

قال الخطابي: ((يبين – صلى الله عليه وسلم – أن إصابة الكاهن أحياناً، إنما هي لأن الجني


(١) ((الفتح)) مع بعض التصرف (١٠/٢١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>