للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلقى إليه الكلمة، التي يسمعها استراقا من الملائكة، فيزيد عليها أكاذيب، يقيسها على ما سمع، فربما أصاب نادراً، وخطؤه الغالب)) (١) .

((فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة)) أي: الشياطين يخلطون مع الكلمة الواحدة من الحق، التي سمعوها من الملائكة، أكثر من مائة كذبة، ومع ذلك يصدقهم الناس، من أجل أنهم يصيبون في واحد من أخبارهم، البالغة أكثر من مائة، والباقي كله كذب، وهذا من العجائب، ومما يدل على حب النفوس للباطل، وإلا كيف يصدق، وهو إذا صدق مرة واحدة، كذب أكثر من مائة مرة؟!

قال الحافظ: ((والذي يظهر لي من مراد البخاري: أن تلفظ المنافق بالقرآن كما يتلفظ به المؤمن، فتختلف تلاوتهما، والمتلو واحد، فلو كان المتلو عين التلاوة، لم يقع فيه تخالف، وكذلك الكاهن، في تلفظه بالكلمة من الوحي، التي يخبره بها الجني، مما يختطفه من الملك تلفظه بها، وتلفظ الجني مغاير لتلفظ الملك؛ فتفاوتا)) (٢) .

قلت: هذا بعض ما أراده البخاري – رحمه الله -، وتمامه: أن هذا التفاوت المذكور بينهم، يدل على أن التلفظ عمل لهم، وهم وأعمالهم مخلوقون، كما تقدم إيضاح ذلك، والله أعلم.

١٨٦- قال: ((حدثنا أبو النعمان، حدثنا مهدي بن ميمون، سمعت محمد بن سيرين يحدث، عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((يخرج ناس من قبل المشرق، ويقرءون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون


(١) ((الفتح)) (١٠/٢٢٠) .
(٢) ((الفتح)) (١٣/٥٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>