للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً: " وسبحان: اسم مصدر، لا تصرف له، ومعناه: نسبحك" (١) .

وفي "تاج العروس": " وسبحانه: تنزيها لله عن كل ما لا ينبغي أن يوصف به، قال الزجاج: سبحان في اللغة: تنزيها لله - عز وجل - عن السوء" (٢) .

فالتسبيح: تنزيه الله - تعالى- عما لا يليق بعظمته، مأخوذ من السبح، وهو الإبعاد والسرعة في السير، يقال: فرس سبوح، إذا كانت تسرع في السبح الذي هو السير والجري، ومنه قوله -تعالى-: {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} فسرت بالخيل، وبالسفن، وبالنجوم، وكلها تسبح وتبعد في سبحها.

وقوله {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} أي ذي العزة وصاحبها، فرب هنا بمعنى ذي وصاحب، والعزة صفته، فهو من إضافة الموصوف إلى الصفة، وأخذ اسمه تعالى "العزيز" منها.

وقوله: {عَمَّا يَصِفُونَ} أي: تنزيها وتقديساً لذي العزة التي لا ترام، عن الذي يصفه به المشركون، من أن له صاحبة أو ولداً، أو شريكاً، أو ولياً من الذل، أو أن أحداً يشفع عنده بدون إذنه، أو أن أحداً يتصرف في ملكه بدون إرادته ومشيئته.

وتنزيهاً لذي العزة التي غلب بها كل شيء عما يقوله المعطلون لصفاته، حيث أنكروها أو أولوها تأويلاً يؤول إلى إنكارها، وتنزيهاً له -تعالى- عما يقوله المحرفون الملحدون في صفاته الظانون بالله ظن السوء، حيث توهموا أن اتصافه -تعالى- بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم - يقتضي التشبيه، فحرفوا صفاته عما أراده بناء على أوهامهم الباطلة.


(١) المصدر نفسه (١/٢٢١) .
(٢) "تاج العروس" (٢/١٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>