للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْمَعِينَ} (١) ، قالوا: إن جهنم لا تمتلئ بغير الجن والإنس، ومن زعم غير ذلك فقد كفر.

فيقال: إن هذه الآية لا تخالف قوله: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (٢) ، ويصح في الكلام أن يقال للممتلئ: استزاد، كما يمتلئ الرجل من الطعام، والشراب، وهو يقدر أن يستزيد، ويقال: امتلأ المسجد من الناس، وفيه فضل وسعة، وامتلأ الوادي ماء، وهو يحتمل أكثر مما فيه، وكما في الحديث: "يخرج المهدي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً" وفي الأرض سعة لأكثر من ذلك، فكذلك جهنم تمتلئ بما يلقى فيها من الجن والإنس، وتقول هل من مزيد؟ لفضل فيها، غضباً لله-تعالى- على الكفار، حتى يفعل الجبار بها ما أخبر به رسوله، من وضعه قدمه فيها كما يشاء، وكما عنى رسول الله، فحينئذ تقول: حسبي حسبي، ولها خزنة يدخلونها غير معذبين بها، وفيها حيات، وعقارب.

وقال-تعالى-: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ {٣٠} وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا} (٣) .

فقوله-تعالى-: {لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (٤) ، لا يخالف هذه الآية، كما أنه لا يخالف قول الرسول -صلى الله عليه وسلم -: "يضع الجبار فيها قدمه"، وإذا كانت جهنم لا تضر الخزنة الذين يدخلونها، ويقومون عليها، فكيف يستنكر وضع رب العالمين عليها قدمه؟ " (٥) .

وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - تدل على أن كلامها حقيقة، فلا وجه للعدول عن ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم -: "تحاجت الجنة والنار، فقالت الجنة: ما لي

لا يدخلني إلا الضعفاء؟ وقالت النار: ما لي يدخلني


(١) الآية ١١٩ من سورة هود.
(٢) الآية ٣٠ من سورة ق.
(٣) الآيتان ٣٠و٣١من سورة المدثر.
(٤) الآية ١١٩ من سورة هود.
(٥) رد عثمان بن سعيد على بشر المريسي، ملخصاً بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>