للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: " بل هو توقيف أطلقه الشارع، فلا يكيف، ولا يشبه "، يعني أن لفظ اليد الثابت بكتاب الله، وبالسنة، توقيف أطلقه الشارع، فلا يوقف له على معنى، فهو – عنده- لا يدل على ما وضعت له كلمة "يد" في اللغة، ومضمون ذلك أن آيات الصفات وأحاديثها لا يعلم لها معان تطابق ألفاظها، وتؤخذ منها، ويلزم على هذا أن الشارع خاطب الناس بما ظاهره غير مقصود، ولا مطلوب منهم الإيمان بظاهره، بل قد يكون ظاهره باطلاً وكفراً، فمعنى قوله: " لا يكيف، ولا يشبه" أي: لا يثبت لها معنى مطابقاً للفظها في وضع اللغة، فلا يوصف الله –تعالى- باليد الحقيقية التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله –صلى الله عليه وسلم-؛ لأن هذا تشبيه، فهذه النصوص في هذا الباب ونحوه فيها تشبيه لله –تعالى- عند هؤلاء، ولهذا صار تأويلها متعيناً.

فضاعت النصوص التي تعرف الله بها إلى عباده بين مردود (١) ومؤول.

وقوله: " ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي"، جوابه: أنه قد تقدم من ذكر بعض النصوص التي تبطل هذا الهراء، والقول الجائر، أن الخطابي – عفا الله عنا وعنه – بهذا القول إنما يشنع في الحقيقة على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والله المستعان.

وقوله: " فإن اليهود مشبهة، وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه، ولا تدخل في مذاهب المسلمين "، ونحن لا نبرئ اليهود من الباطل، ولكن نقول: إن الحق يجب أن يقبل ممن قاله، سواء كان من اليهود أو من غيرهم.

وهو لم يبين هذه الألفاظ التي تدخل في باب التشبيه على حد قوله.


(١) القاعدة عند الخطابي: أن الأحاديث الموافقة للقرآن، أو المتواترة، هي التي تقبل في الصفات، أما ما عدا ذلك، فإنه لا يثبت به صفة لله -تعالى-، وهذه القاعدة أخذت من كلامه، كما سبق قوله في الأصابع إنه لم يثبت فيه حديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>