للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن نعلم من طريقته أن كل من أثبت لله من الصفات ما ينكره هو ومن سلك نهجه، أنهم يسمونه مشبهاً، ولو كان متمسكاً بالكتاب والسنة، فعنده من أثبت لله يداً حقيقية فهو مشبه، وكذلك الوجه، والرجل، والأصابع، والعينين، ونحو ذلك. وقوله: " وأما ضحكه –صلى الله عليه وسلم- من قول الحبر، فيحتمل الرضا، والإنكار".

فجوابه: أن الحق الذي لا نشك فيه أنه لا يحتمل إلا الرضا، والموافقة؛ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا يضحك من الباطل والكفر الذي هو تشبيه رب العالمين بالخلق، كما هو مقتضى مذهب الخطابي.

ومقتضى الإيمان بالرسول –صلى الله عليه وسلم- يمنع من أن يكون ضحكه من أجل التشبيه الذي يقوله اليهودي – كما زعم الخطابي – عفا الله عنا وعنه -.

إن ما يقوله هؤلاء في الحقيقة قلب للحقائق، حتى تسلم عقيدة الأشعرية من معاول النصوص، التي تأتي على أسسها بالاقتلاع (١) ، ولو استطاع كثير منهم الرد على الله ورسوله لفعلوا، ولكن كما يقول الله -تعالى-: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (٢)

وأما قوله: " وأما قول الراوي: " تصديقاً له، فظن وحسبان" يعني: أن عبد الله بن مسعود ظن ظناً أخطأ الحق، وأبعد عن الصواب، حيث خالف عقيدة أهل الكلام، فيرد قوله.


(١) قال ابن خزيمة: " وقد أجل الله قدر نبيه، عن أن يوصف الباري بحضرته بما ليس من صفاته، فيسمعه فيضحك عنده، ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكاً حتى تبدو نواجذه؛ وتعجباً لقائله، لا يصف النبي –صلى الله عليه وسلم- بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته" كتاب "التوحيد" (ص٧٦) .
(٢) الآية ١٨ من سورة الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>