للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعاوية: " إني قد أمسكت العراق بإحدى يدي، والأخرى فارغة " يريد نصف قدرته. وقد يضاف الفعل إلى اليد إضافته إلى الشخص نفسه؛ لأن غالب الأفعال تكون بها، فصار ذكر اليد إشارة إلى أنه فعل بنفسه، كما قال –تعالى-: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ} (١) .

وتقول العرب: " يداك أوكتا، وفوك نفخ" توبيخاً لكل من جر إلى نفسه شراً، لأن أول من قيل له ذلك، فعل بيديه وفمه.

ولذلك قالوا في مثل قوله -تعالى-: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} أي: نعمته في الدنيا الآخرة، واللفظ كناية عن نفس الجود، من غير أن يكون هناك يد حقيقة، بل هذه اللفظة صارت حقيقة في العطاء والجود.

وقالوا في قوله -تعالى-: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (٢) أي: خلقته أنا، وليس هناك يد حقيقية، ونحو هذه التأويلات.

والجواب: أننا لا ننكر لغة العرب التي نزل بها القرآن، وأن ما ذكر معروف في اللغة، ولكن ننكر تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله وصفاته.

فإن لفظ "اليدين" بصيغة التثنية، لم يستعمل في النعمة، ولا في القدرة؛ لأن من لغة العرب استعمال الواحد في الجمع، كقوله –تعالى-: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (٣) .

ولفظ الجمع في الواحد كقوله -تعالى-: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} (٤) ، والقائل واحد.

ولفظ الجمع في الإثنين كقوله -تعالى-: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٥) .


(١) الآية ١٨٢ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ٧٥ من سورة ص.
(٣) الآية ٢ من سورة العصر.
(٤) الآية ١٧٣ من سورة آل عمران.
(٥) الآية ٤ من سورة التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>