للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: مقيد بعلى، كقوله -تعالى-: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} (١) ، وقوله:

{وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} (٢) ، وقوله: {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} (٣) ، وهذا معناه - أيضاً - العلو والارتفاع والاعتدال، بإجماع أهل اللغة.

الثالث: المقرون بواو المعية، التي تعدي الفعل إلى المفعول معه، نحو: استوى الماء والخشبة، بمعنى: ساواها.

فهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم، ليس فيها "استولى" البتة، ولا نقله أحد من أئمة اللغة، الذين يعتمد قولهم، وإنما قاله متأخرو النحاة، ممن سلك طريق المعتزلة، والجهمية.

والذين قالوه، لم يقولوه نقلاً، فإن ذلك مجاهرة بالكذب، ولكن قالوه استنباطاً وحملاً منهم للفظة " استوى" على "استولى" ولذلك لما سمع أهل اللغة ذلك أنكروه غاية الإنكار.

قال ابن الأعرابي - وقد سئل هل يصح أن يكون استوى بمعنى استولى؟ - فقال: لا تعرف العرب ذلك - وهو من أكابر أئمة اللغة-" ا. هـ (٤) .

قال ابن جرير: " وأولى المعاني بقول الله - جل ثناؤه-: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ} : علا عليهن، وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سماوات، والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم، من كلام العرب، في تأويل قول الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} الذي هو بمعنى العلو، والارتفاع، هرباً عند نفسه من أن يلزمه بزعمه - إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك - أن يكون إنما علا


(١) الآية ١٣ من سورة الزخرف.
(٢) الآية ٤٤ من سورة هود.
(٣) الآية ٢٩ من سورة الفتح.
(٤) "مختصر الصواعق" (ص٣٢٠) ببعض التصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>