فالذي يقبله الله -تعالى- يصعد إليه، فيبارك به لصاحبه، وينميه.
وهذه الجملة من الحديث هي المقصود منه هنا، حيث دل على علو الله -تعالى- وأنه فوق، وما قبله الله من الأعمال، فإنه يصعد إليه، وقد تقدم أن الملائكة تصعد إلى الله -تعالى- وتعرج إليه، والصعود والعروج سواء في المعنى، كما تقدم في كلام ابن جرير.
وقد اختار البخاري بعض النصوص في هذا الباب، التي فيها ذكر الصعود والعروج ونحوهما؛ لوضوح الدلالة في ذلك على علو الله –تعالى- كما أنه نوع
الأدلة في ذلك كما تقدم للإيضاح، وأدلة علو الله -تعالى- كثيرة جداً ومتنوعة، كما ستأتي الإشارة إلى ذلك.
قوله:" فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه"، أي: أن الله -تعالى- يقبلها من صاحبها، فيأخذها بيده اليمنى، وكلتا يديه يمين، فينميها لصاحبها، ويبارك فيها، ويعتني بها عناية بالغة، كما يعتني أحدنا بأغلى ما لديه من المال، وأنفسه، وهو ولد الفرس، الذي يعد لمدافعة الأعداء وقتالهم، وحماية الأعراض، والنفوس، والأموال، حتى يصير ما هو بقدر التمرة – لشدة عناية الله تعالى به – مثل الجبل.
وقد تخبط شراح الحديث ممن سلك طريق الأشاعرة، في شرح هذه الجملة، وجاؤوا بما ليس له وجه، مع أن المتكلم به قد أعطي من الفصاحة والبيان والنصح للسامع، والحرص على وصول الخير إليه، ما ليس عليه مزيد، فيجب أخذ كلامه على ظاهره، والإيمان به، وإحسان الظن به، فهو – صلوات الله وسلامه عليه – أقدر على إيضاح ما يريد من هؤلاء، كما أنه –صلى الله عليه وسلم- أعلم بالله منهم، فليس