وقيل: فيه حذف, تقديره: يأتيهم بعض ملائكته, ورجحه عياض, ولعل هذا الملك جاءهم في صورة أنكروها؛ لما رأوا فيها من سمة الحدوث.
ويحتمل وجهاً رابعاً: وهو أن المعنى: يأتيهم الله بصورة – أي بصفة - تظهر لهم, من الصور المخلوقة, التي لا تشبه صفة الإله, ليختبرهم بذلك, فإذا قال لهم هذا الملك: أنا ربكم, رأوا عليه من علامة المخلوقين ما يعلمون به أنه ليس ربهم)) (١)
وقال الرازي: ((الكلام على هذا الحديث من وجوه:
الأول: أن تكون ((في)) بمعنى الباء, والتقدير: فيأتيهم الله بصورة, غير الصورة التي عرفوها في الدنيا, وذلك بأن يريهم ملكاً من الملائكة, ونظيره قول ابن عباس في قوله – تعالى -: {هَل يَنظُرُونَ إَّلا أَن يَأتِتَهُمُ اللهُ فيِ ظُلَلِ مّنَ الغَمَامِ} . أي: بظلل من الغمام.
ثم إن تلك الصورة تقول: أنا ربكم, وكأن ذلك آخر محنة تقع للمكلفين في دار الآخرة.
أما قولهم: ((إذا جاء ربنا عرفناه)) فيحمل على أن يكون المراد: فإذا جاء إحسان ربنا عرفناه.
وقوله: ((فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها)) فمعناه: فيأتيهم بالصورة التي يعرفون أنها من أمارات الإحسان.
الثاني: أن يكون المراد من الصورة: الصفة, والمعنى: أن يظهر لهم من بطش الله, وشدة بأسه, ما لم يألفوه, ولم يعتادوه من معاملة الله – تعالى – معهم, ثم يأتيهم بعد ذلك بأنواع الرحمة والكرامة, على الوجه الذي اعتادوه
(١) ((الفتح)) (١١/٤٥٠) وانظر: كلام النووي في ((شرح مسلم)) (٣/١٩) فإنه متفق مع ما هنا.