للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغير ذلك من الآيات, وأما الأحاديث, فكثيرة جداً, وسيأتي ذكر بعضها, إن شاء الله – تعالى -.

فالحق الذي دلت عليه نصوص الوحي: أن لله – تعالى – أفعالاً اختيارية يفعلها بمشيئته, كالاستواء, والنزول, والمجيء, والخلق, والرزق, ونحو ذلك.

قال ابن كثير: ((قوله – تعالى -: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ} , يعني: يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين, فيجزي كل عامل بعمله, إن خيراً فخير, وإن شراً فشر, ولهذا قال – تعالى -: {وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الامُورُ} (١) .

وقال ابن جرير: ((والأولى بالصواب من وجه قوله: {فيِ ظُلَلِ مِنَ الغَمَامِ} أنه من صلة فعل الله – تعالى – وأن معناه: ((هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام, وتأتيهم الملائكة)) ؛ لما حدثنا به محمد بن حميد, قال: حدثنا إبراهيم بن المختار, عن ابن جريح, عن زمعة بن صالح, عن سلمة بن وهرام, عن عكرمة, عن ابن عباس, أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفاً)) , وذلك قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} (٢) .

ثم ذكر حديث الصور الطويل المشهور, وفيه: ((فيقول الله لي: يا محمد, فأقول: نعم, وهو أعلم, فيقول: ما شأنك؟ فأقول: يا رب, وعدتني الشفاعة, فشفعني في خلقك (٣) , فاقض بينهم, فيقول: قد شفعتك, أنا آتيكم فأقضي بينكم ... فبينا نحن وقوف سمعنا حساً من السماء شديداً,


(١) ((تفسير ابن كثر)) (١/٢٤٨) .
(٢) الآية ٢١٠ من سورة البقرة.
(٣) هذه الجملة من الحديث فيها نكارة؛ لأنها تخالف النصوص الثابتة قطعاً من أن الشفاعة لا تطلب من الله رأساً بدون دعاء , وكذلك له تعالى , حتى يأمر – جلا وعلا – بها , قال تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِندَهُ إِلا بِإذنِهِ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>