البدن وصعوده, فإن روح المؤمن تصعد إلى فوق السماوات ثم تهبط إلى الأرض فيما بين قبضها ووضع الميت في قبره.
وهذا زمن يسير لا يمكن صعود البدن ثم نزوله في مثله.
وكذلك صعودها في النوم, وذهابها إلى أماكن نائية, ثم عودها إلى البدن في اليقظة, لا يمكن للبدن مثل ذلك.
فإذا كانت الروح تعرج إلى السماء في هذا الوقت القصير, فهذا يدل على أن عروجها ومجيئها ليس من جنس عروج البدن ومجيئه, ومثل ذلك يقال في الملائكة.
فمجيء الرب تعالى, وصعوده, واستواؤه, فوق ذلك كله وأجل منه وأعظم, فإنه – تعالى – أبعد عن مماثلة كل مخلوق, من مماثلة مخلوق لمخلوق كالروح والبدن مثلاً)) (١) .
وقوله: ((نسبة الإتيان إلى الله عبارة عن رؤيتهم إياه)) .
فنقول: هذا من التحريف الجلي, فالناس كلهم يفرقون بين الإتيان والرؤية, فإن الإتيان المذكور في الحديث فعل الله – تعالى – يفعله إذا شاء, وأما الرؤية فهي تقع من الخلق.
وقد ذُكرت في أول الحديث في قوله: ((إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر)) وذلك بعد مجيئه – تعالى – إليهم في الموقف, وقوله لأهل ذلك الموقف: ((ليتبع كل قوم ما كانوا يعبدون, فتمثل لهم معبوداتهم, ثم يتبعونها إلى النار)) .
فهذا التأويل بطلانه ظاهر, وهو أشبه باللعب في كلام رسول الله – صلى الله عليه وسلم -,
(١) ((شرح حديث النزول)) (ص ٧٥ , ٩٢ , ٩٣) بتلخيص وتصرف.