للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو احتمل أن يكون بمعنى: فيأتيهم بصورة، فإن لفظ الصورة المضاف إلى شيء هو من باب الإضافة النفسية, لا الخلقية، فإن الإضافة تكون فيما هو قائم بنفسه، كما في قوله ((ناقة الله)) و ((بيت الله)) و ((أرض الله)) ونحو ذلك مما فيه دلالة على أنه منفصل عن المضاف إليه، وأما الصفات، مثل العلم، والقدرة، ونحو ذلك، فإذا أضيف كانت إضافته إضافة نفسية، إذا لم يتبين خلاف ذلك.

والصورة صفة قائمة بذي الصورة، فليست من الأعيان المنفصله عن المضاف إليه، حتى تجعل بمعنى الملك، فلا يمكن أن تكون صورة الله التي يأتي فيها مخلوقاً منفصلاً عنه.

الوجه الرابع: أنه قال: فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون (١) ، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا)) ، وفي لفظ: ((أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم)) (٢) .

ومعلوم أن أحداً من الملائكة لا يقول للخلق: أنا ربكم، بل لا يدعي هذه الدعوى إلا كافر بالله، كفرعون, والدجال، والشيطان.

بل الملائكة عباد مطيعون لله – تعالى –، لا يدعون الربوبية، ولا الإلهيَّة، كما قال – تعالى -: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِين َ} (٣) .

ولا يأمر الله أحداً من الخلق أن يقول لجميع العباد: أنا ربكم، فإنه - تعالى – لا يأمر بالشرك.


(١) هذه رواية مسلم في حديث أبي هريرة، انظر: ((صحيح مسلم)) (١/١٦٤) .
(٢) هذه أيضا رواية مسلم من حديث أبي سعيد، إلا أنه ليس فيها ((أول مرة)) ، انظر: ((مسلم)) (١/١٦٨) .
(٣) الآية ٢٩ من سورة الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>