للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشهورة: ((إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته، ولا يقل أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورته)) (١) .

وهذا فيه حكم عملي، يحتاج إليه الفقهاء، وفيه الجملة الثانية الخبرية المتعلقة بالإخبار، عن خلق آدم، فكثير من الفقهاء روى الجملة الأولى فقط، وهي قوله: ((فإذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه)) ولم يذكر الثانية.

وعامة أهل الأصول والكلام، إنما يروون الجملة الثانية وهي قوله: ((خلق الله آدم على صورته)) ، ولا يذكرون الجملة الطلبية, فصار الحديث متواتراً بين الطائفتين، وصاروا متفقين على تصديقه، لكن مع تفريق بعضه عن بعض، وإن كان هو محفوظاً عند آخرين من علماء الحديث وغيرهم.

وقد ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم – ابتداءً في إخباره بخلق آدم، في ضمن حديث طويل، إذا ذكر على وجهه زال كثير من الأمور المحتملة.

ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة، جعل طائفة الضمير فيه عائداً إلى غير الله – تعالى -، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة، في عامة أمورهم، كأبي ثور، وابن خزيمة، وأبي الشيخ الأصبهاني وغيرهم، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة.

قال الشيخ أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي في كتاب ((الفصول في الأصول)) : ((فأما تأويل من لم يتابعه عليه الأئمة، فغير مقبول، وإن صدر ذلك التأويل عن إمام معروف، غير مجهول، نحو ما ينسب إلى أبي بكر محمد بن إسحاق ابن خزيمة، في تأويل الحديث: ((خلق الله آدم


(١) رواه عبد الرزاق في ((المصنف)) (٩/٤٤٥) ، والدراقطني في ((الصفات)) (ص ٣٥، ٣٦) ، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (١/٢٢٨، ٢٢٩) ، وابن خزيمة في ((التوحيد)) (١/٨١ –٨٦) . ...

<<  <  ج: ص:  >  >>