للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا نهي السفيه جرى إليه وخالف، والسفيه إلى خلاف أي: إلى السفه.

قيل: إنما يكون ذلك فيما لا لبس فيه، حيث لم يتقدم ما يصلح لعود الضمير إلا ما دل عليه الخطاب، فيكون العلم بأنه لا بد للظاهر من مضمر يدل على ذلك، أما إذا تقدم اسم صريح قريب إلى الضمير، فلا يصلح أن يترك عوده إليه، ويعود إلى شيء متقدم، لا ذكر له في الخطاب، وهذا مما يعلم بالضرورة فساده في اللغات.

الرابع: أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير، فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم، فتخصيص واحد لم يتقدم له ذكر، بأن الله خلق آدم على صورته، في غاية البعد.

لا سيما وقوله: ((إذا قاتل أحدكم)) ، و ((إذا ضرب أحدكم)) عام في كل مضروب.

والله خلق آدم على صورهم جميعهم، فلا معنى لإفراد الضمير.

وكذلك قوله: ((لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك)) عام في كل مخاطب، والله قد خلقهم كلهم على صورة آدم.

الخامس: أن ذرية آدم خلقوا على صورة آدم، لم يخلق آدم على صورهم. فإن مثل هذا الخطاب إنما يقال فيه: خلق الثاني المتأخر في الوجود على صورة الأول المتقدم في الوجود، لا يقال: إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود، كما يقال: خلق الخلق على غير مثال, أو نسج هذا على منوال هذا، ونحو ذلك، فإنه في جميع هذا إنما يكون المصنوع المقيس متأخراً في الذكر، عن المقيس عليه.

وإذا قيل: خلق الوالد على صورة ابنه، أو على خلق ابنه، كان كلاماً

<<  <  ج: ص:  >  >>