للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسداً، بخلاف ما إذا ذكر التشبيه بغير لفظ الخلق، وما يقوم مقامه، مثل أن يقال: الوالد يشبه ولده، فإن هذا سائغ؛ لأن قوله: ((خلق)) إخبار عن تكوينه، وإبداعه، على مثال غيره، ومن الممتنع أن الأول يكون على مثال ما لم يكن بعد، وإنما يكون على مثال ما قد كان.

السادس: أنه إذا كان المقصود أن هذا المضروب والمشتوم يشبه آدم، فمن المعلوم أن هذا من الأمور الظاهرة، المعلومة للخاص والعام، فلو أريد التعليل بذلك لقيل: ((فإن هذا يدخل فيه الأنبياء، إذ هذا يدخل فيه آدم، أو نحو ذلك من العبارات، التي تبين قبح كلامه، وهو اشتمال لفظه على ما يعلم هو وجوده)) .

أما مجرد إخباره بما يعلم وجوده كل أحد، فلا يستعمل في مثل هذا الخطاب.

السابع: أن يقال إذا أريد مجرد المشابهة لآدم وذريته، لم يحتج إلى لفظ ((خلق)) على كذا، فإن هذه العبارة إنما تستعمل فيما فعل على مثال غيره، بل يقال: ((فإن وجهه يشبه وجه آدم)) ، أو ((فإن صورته تشبه صورة آدم)) .

الثامن: أن يقال: مثل هذه تصلح لقوله: ((لا يقولن أحدكم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك)) فكيف يصلح لقوله: ((إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه)) .

ومعلوم أن كون صورته تشبه صورة آدم، لا توجب سقوط العقوبة عنه، فإن الإنسان لو كان يشبه نبياً من الأنبياء، أعظم من مشابهة الذرية لأبيهم في مطلق الصورة والوجه، ثم وجبت على ذلك الشبيه بالنبي عقوبة, لم تسقط عقوبته بهذا الشبه باتفاق المسلمين، فكيف يحوز تعليل تحريم العقوبة بمجرد المشابهة المطلقة لآدم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>