للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعلوم أن مثل عطاء، لو أفتى في مسألة فقه، بموجب خبر أرسله، لكان ذلك يقتضي ثبوته عنده.

ولهذا يجعل الفقهاء احتجاج المرسل بالخبر دليلاً على ثبوته عنده.

والأخبار التي توجب العلم أعظم من التي توجب العمل.

فإذا كان عطاء، قد جزم بهذا الخبر العلمي، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا الباب العظيم، فلا يمكن أن يستجيز ذلك من غير أن يكون ثابتاً عنده.

واتفاق السلف على رواية هذا الخبر، ونحوه، مثل عطاء، وحبيب بن أبي ثابت، والأعمش، والثوري، وأصحابهم، من غير نكير سمع من أحد لمثل ذلك، في ذلك العصر، مع أن هذه الروايات المتنوعة في مظنة الاشتهار، دليل على أن علماء الأمة [لا] تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن، بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا.

وكراهة بعضهم لرواية ذلك في بعض الأوقات، له نظائر، فإن الشيء قد يمنع سماعه لبعض الجهال، وإن كان متفقاً عليه بين علماء المسلمين.

والله – تعالى – قد وصف هذه الأمة بأنها خير أمة أخرجت للناس، وأنها تأمر بالمعروف، وتنهي عن المنكر، فمن الممتنع أن يكون في عصر التابعين، يتكلم أئمة ذلك العصر بما هو كفر، وضلال، ولا ينكر عليهم أحد.

فلو كان قوله: ((خلق آدم على صورة الرحمن)) ، باطلاً، لكانوا مقرين للباطل، غير منكرين له.

وقد روي بهذا اللفظ من طريقين مختلفين، كما روي عن أبي هريرة، فيؤيد أحدهما الآخر، ويشهد له، ويعتبر به، بل قد يفيد ذلك العلم، إذا خيف في الرواية من تعمد الكذب، أو من سوء الحفظ.

فإذا كان الرواة ممن لا يتواطأون في العادة على الكذب، لم يبق إلا سوء

<<  <  ج: ص:  >  >>