للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحفظ، فإذا تبين أن كل واحد منهم حفظ مثل ما حفظ الآخر، كان ذلك دليلاً على أن الحديث محفوظ، ولهذا مَنْ منع مِن الاحتجاج بالمرسل، إذا روي من وجه آخر؛ احتج به.

ولهذا الترمذي وغيره، يجعل الحسن: ما وري من وجهين مختلفين، وليس في طريقه متهم بالكذب، ولم يكن مخالفاً للأخبار المشهورة، وأدنى أحوال هذا الحديث ذلك.

ويؤيده أن الصحابة تكلموا بمعناه، كما تقدم عن ابن عباس.

وليس ذلك مأخوذاً عن أهل الكتاب؛ لأنه كان ينهى عن الأخذ عنهم، كما في البخاري وغيره، ولا يجوز أن يكون ذلك من قبيل الرأي.

وهذه الوجوه كلها مبطلة لقول من يعيد الضمير إلى آدم.

فهي أدلة مستقلة في الإخبار بأن الله خلق آدم على صورة نفسه – تعالى -.

وبهذا يحصل الجواب عما يذكر من كون الأعمش وحبيب مدلسين، فقد أخذه عنهما الأئمة، ووافقهما الثوري, وتلقاه العلماء – مثل أحمد وإسحاق وسفيان، وغيرهم – بالقبول.

وقد قدمنا أنه يجوز الاستشهاد بما عند أهل الكتاب، مما هو موافق لما أثر عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – ففي السفر الأول من التوراة: ((سنخلق بشراً على صورتنا، يشبهنا)) (١) .

وأما قول المؤولة: إن الله لم يغير صورة آدم، ولم يمسخها كل مسخ غيره، كالحية والطاووس، ولهذا قيل: خلق آدم على صورته، أي: على صورة آدم.


(١) هذا النص يوجد في التوراة السامرية هكذا: ((وقال الله: نصنع إنساناً يشبهنا وصورتنا، ليستولي على سمك البحر)) (ص٣٦) طبعة السقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>