للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: العبارة المعروفة عن هذا المعنى أن يقال: أبقى آدم على صورته، أو تركه على صورته، أو لم يغير صورة آدم، لا يقال: خلقه على صورة نفسه، فإن هذا اللفظ لا يستعمل في مثل هذا المعنى.

ولهذا قال الله – تعالى – عن الذين مسخ منهم قردة، وخنازير: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} (١) ، ولم يقل: وخلق منهم.

كما أن من المعروف الظاهر لكل أحد: أن صورة آدم كانت كهذه الصور لبنيه لم تمسخ، وما ذكروه من مسخ غير آدم غير معلوم، ولا مذكور.

وأما قولهم: إنه أراد به بيان بطلان قول الدهرية، في أن الإنسان لا يتولد إلا من نطفة، ودم الطمث.

فيقال لهم: قد أخبر الله – تعالى – أنه خلق آدم من الماء والتراب، ومن الطين، ومن الحمأ المسنون، فهذه نصوص ظاهرة متواترة، يسمعها العام والخاص، تبين أنه لم يخلق من نطفة، ودم الطمث، وتبطل هذا القول إبطالاً بيناً معلوماً بالاضطرار.

وأما قوله: إن آدم خلق على صورة آدم، فليس فيه دلالة على إبطال قول الدهرية ولا غيرهم.

وقولهم: خلق آدم ابتداء من غير تقدم نطفة، ثم علقة، ثم مضغة.

يقال لهم: بعد تقدم، تراب، وطين، وصلصال.

وأما قولهم: إن الصورة تذكر ويراد بها الصفة، يقال: شرحت له صورة هذه الواقعة، وذكرت له صورة هذه المسألة.

والمراد: أن الله – تعالى – خلق آدم من أول الأمر كاملاً، تاماً، في علمه، وقدرته، وكونه سعيداً، عارفاً، تائباً.


(١) الآية ٦٠ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>