للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أراد به أن الصورة توصف بالقول، وأن لفظ الصورة يراد به ما يوصف بالقول من الصورة الخارجية, أو ما يطابقه من الصورة الذهنية، فهذا قريب.

ولكن هذا يوجب أن يكون له صورة خارجية، وإن طابقتها الصورة الذهنية.

وإن أراد به أن لفظ الصفة قد لا يراد به إلا ما يقوم بالأعيان، كالعلم، والقدرة، فهذا باطل، لا يوجد في الكلام أن قول القائل – مثلاً -: صورة فلان يراد بها مجرد الصفات القائمة [به] ، من العلم، والقدرة، ونحو ذلك.

بل هذا من البهتان على اللغة وأهلها.

وأيضا فقول القائل: خلق آدم، على صورة آدم، بمعنى: على صفة آدم، لا يدل على أنه خلق على صفات الكمال ابتداء، ولو أريد بالصورة ما يتأخر عن وجوده، فإن المخلوق على صفة من الصفات، يخلق عليها في وقت خلقه وبعده، يبين ذلك أنه جعل أحد المحملين كونه خلق عارفاً، تائباً، مقبولاً عند الله – تعالى – ومعلوم أن هذه الصفة تأخر وجودها عن ابتداء خلقه، فإن التوبة كانت بعد الذنب.

فإذا كان لا ينافي كونه مخلوقاً عليها تأخرها، فكذلك صفة العلم والقدرة، لا ينافي كونه مخلوقاً عليهما تأخرهما عن ابتداء خلقه، وإذا كان كذلك، فلا فرق بينه وبين غيره.

وعلى كلِّ فما ذكره من أن معنى الحديث: أنه خلق كاملاً، باطل، فإن آدم لم يجعل ابتداء على صفة الكمال، بل بعد أن خلقه الله – تعالى – علمه الأسماء التي لم يكن بها عالماً، كما علم بنيه البيان، بعد أن خلقهم.

فهذه التأويلات: تارة يكون المعنى المحمول عليه النص فيها باطلاً، وتارة يكون غير دال عليه، وتارة يكون النص دالاً على نقيض ما يقول المؤول، ومضاداً له.

<<  <  ج: ص:  >  >>