للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق آدم على صورته، وهذا لا يناقض قوله – تعالى -: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءُُُ ُ} لأن المماثلة منفية عن الله – تعالى - على كل حال، فهو – جل وعلا – لا يماثله شيء، وليس له سمي، ولا ند، ولا كفء، وكل ذلك لا يمنع المشابهة من بعض الوجوه البعيدة، كالوجود مثلاً، والعلم، والحياة، ونحو ذلك.

الوجه الخامس: أن يقال: المحذور الذي فروا منه إلى تأويل الحديث، على أن الصورة بمعنى الصفة، أو الصفة المعنوية؛ أو الروحانية، ونحو ذلك، يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما فروا [منه] .

فإذا كان مثل هذا لازماً على التقديرين، لم يجز ترك مقتضي الحديث، ومفهومه، مع أنه لا محذور فيه.

وذلك أن كون الإنسان على صورة الله - تعالى – التي هي صفته، أو صورته المعنوية، أو الروحانية، فيه نوع من المشابهة

كما أنه إذا أقر الحديث كما جاء فيه نوع من المشابهة، غايته أن يقال: المشابهة هنا أكثر، ولكن مسمى نوع من المشابهة لازم على التقديرين.

والتشبيه المنفي بالنص، والإجماع، والأدلة العقلية الصحيحة، منتف على التقديرين.

وإذا ادعى المنازع أن هذا فيه نوع من التجسيم المقتضي للتركيب، فقد تقدم أن ما يسمونه تركيباً لازم على القول بثبوت الصفات، بل على القول بنفس الوجود الواجب، بل هو لازم لمطلق الوجود.

وتقدم بيان ذلك، وبيان أن جميع ما يدعى من الأدلة العقلية المانعة من ذلك أنها فاسدة، ومتناقضة.

ومعنى فسادها ظاهر، ومعنى تناقضها: أن ما يدعيه يلزمه من الإثبات نظير ما نفاه، فيكون جامعاً بين النفي، وإثباته، وإثبات نظيره.

الوجه السادس: أن يقال: إذا كان مخلوقاً (١) على صورة الله - تعالى –


(١) التقدير: إذا كان آدم مخلوقاً ... الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>