للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال له: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة، فسلم عليهم واستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله.

قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن)) (١) .

وهذا الحديث إذا حمل على صورة الله – تعالى -، كان ظاهره أن الله طوله ستون ذراعاً، والله – تعالى – كما قال ابن خزيمة: جل أن يوصف بالذرعان، والأشبار.

ومعلوم أن هذا التقدير في حق الله – تعالى – باطل، على قول من يثبت له حداً ومقداراً من أهل الإثبات، وعلى قول النفاة كذلك.

أما النفاة فظاهر، وأما المثبتة فعندهم قدر الله – تعالى – أعظم، وحده لا يعلمه إلا هو، وكرسيه قد وسع السماوات والأرض، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، والعرش لا يعرف قدره إلا الله – تعالى -.

وقد قال – تعالى -: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٢) .

وقد تواترت النصوص عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، أن الله يقبض السماوات والأرض بيديه.

قال ابن عباس: ((ما السماوات السبع وما بينهما، وما فيهما، في يد


(١) تقدم ذكر من رواه.
(٢) الآية ٦٧ من سورة الزمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>