وإذا كان الأمر كذلك، كان – جل وعلا – أكبر وأعظم من أن يقدر بهذا المقدار.
وهذا من المعلوم بالضرورة، من العقل والدين.
[وليس ما ذكر هو ظاهر الحديث] ، ومن زعم أن الله طوله ستون ذراعاً، فهو مفتر كذاب، ملحد، وفساد هذا معلوم بالضرورة، ومعلوم عدم ظهور ذلك من الحديث، فإن الضمير في قوله:((طوله)) عائد إلى آدم، الذي قيل فيه ((خلق آدم على صورته)) ثم قال: ((طوله ستون ذراعاً)) ، أي: طول آدم، ولفظ الطول وقدره، ليس داخلاً في مسمى الصورة، حتى يقال: إذا قيل: خلق الله آدم على صورته، وجب أن يكون على قدره.
ومن المعلوم أن الشيئين المخلوقين يكون أحدهما على صورة الآخر، مع التفاوت العظيم في جنس ذواتهما، وقدر ذواتهما.
والإضافة تتنوع دلالتها بحسب المضاف إليه، فلما قال في آخر الحديث:
((فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، طوله ستون ذراعاً)) اقتضى ذلك مشابهة الجنس في القدر؛ لأن صورة المضاف، من جنس صورة المضاف إليه، وحقيقتهما واحدة.
وأما قوله:((خلق الله آدم على صورته)) ، فإنها تقتضي نوعاً من المشابهة فقط، لا تقتضي تماثلاً في حقيقة، ولا قدر.
وأما قول ابن خزيمة: فإن الإضافة [فيه] إضافة خلق، كما في ((ناقة الله)) و ((بيت الله)) و ((أرض الله)) و ((فطرة الله))