للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيل، أنه كان يقول: ذلك تغيير يقع في عيون الرائين، كنحو ما يخيل إلى الإنسان الشيء بخلاف ما هو به فيتوهم الشيء على الحقيقة.

وقال عثمان بن سعيد في نقضه على بشر المريسي: ((وأما إنكارك على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إن الله يتراءى لعباده المؤمنين يوم القيامة، في غير صورته، فيقولون: نعوذ بالله منك، ثم يتراءى في صورته التي يعرفونها، فيتبعونه، فزعمت أن من أقر بهذا فهو مشرك.

فيقال لهم: أليس قد عرفتم ربكم في الدنيا، فكيف جهلتموه عند العيان، وشككتم فيه؟

وقد صح بهذا الخبر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كأنك تسمعه يقوله من جودة إسناده.

ولو أن الله تجلّى لهم أول مرة في صورته التي عرّفهم صفاتها في الدنيا، لاعترفوا بما عرفوا، ولكنه يُرى نفسه في أعينهم؛ لقدرته، ولطف ربوبيته، في صورة غير ما عرفهم الله صفاتها في الدنيا؛ ليمتحن الله بذلك إيمانهم، ثانية في الآخرة، أنهم لا يعترفون بالعبودية في الدنيا والآخرة إلا للمعبود الذي عرفوه في الدنيا بصفاته التي أخبرهم بها في كتابه، واستشعرتها قلوبهم حتى ماتوا على ذلك.

فإذا مثل في أعينهم غير ما عرفوا من الصفة نفروا، وأنكروا، إيماناً منهم بصفة ربوبيته التي امتحن قلوبهم في الدنيا بها، من غير أن يتحول الله من صورة إلى صورة.

ولكن يمثل ذلك في أعينهم، كما مثل جبريل مع عظم صورته، في صورة دحية الكلبي، وكما مثل لمريم بشراً، وكما شبه عيسى في أعين اليهود)) (١) .


(١) نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي (ص٤٢١ – ٤٢٣) ، وانظر ((نقض التأسيس)) (٣/٣٩٧-٤٠١) المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>