للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا باطل من وجوه:

أحدها: أن في حديث أبي سعيد المتفق عليه: ((فيأتيهم في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة)) . ... وفي لفظ: ((في أدنى صورة من التي رأوه فيها)) ، وهذا يفسر قوله في حديث أبي هريرة: ((فيأتيهم الله في صورة غير

صورته التي يعرفون)) ، ويبين أن تلك المعرفة كانت لرؤية منهم متقدمة، في صورة غير الصورة التي أنكروه فيها.

وفي هذا التفسير قد جعل صورته التي يعرفون، هي التي عرفهم صفاتها في الدنيا، وليس الأمر كذلك؛ لأنه أخبر أنها الصورة التي رأوه فيها أول مرة، لا أنهم عرفوها بالنعت في الدنيا.

ولفظ الرواية صريح في ذلك، وقد بينا أنه في غير حديث ما يبين أنهم رأوه قبل هذه المرة.

الثاني: أنهم لا يعرفون في الدنيا لله صورة، ولم يروه في الدنيا في صورة، فإن ما وصف الله – تعالى – به نفسه، ووصفه به رسوله، لا يوجب لهم معرفة صورة يعرفونه فيها، ولهذا قال – تعالى -: {لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءُُُ} (١) ، فلو أرادوا الصفات المخبر بها في الدنيا لذكروا ذلك.

فعلم أنهم لم يطبقوا الصورة التي رأوه فيها أول مرة [على ما علموه في الدنيا] (٢) .

وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – في سدرة المنتهى: ((فغشيها من أمر الله ما غشاها، حتى لا يستطيع أحد أن ينعتها من حسنها)) (٣) ، فالله أعظم من أن يستطيع


(١) الآية ١١ من سورة الشورى.
(٢) ليست من كلام الشيخ، وإنما زدتها للإيضاح.
(٣) انظر ((صحيح مسلم)) (١/١٤٦) ، الحديث رقم (٢٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>