قوله:((في جنة عدن)) قيد لكونهم ليس بينهم وبين أن ينظروا إلى وجه ربهم - جل وعلا - إلا رداء الكبرياء.
وهذا دليل على فضل جنة عدن، وعلوها، ومن لازم ذلك علو الله - تعالى -؛ لأنهم ينظرون إليه - تعالى - من فوقهم، وتقدم بحث ذلك بما فيه الكفاية.
وأما قول ابن بطال:((لا تعلق به للمجسمة في إثبات المكان؛ لما ثبت من استحالة أن يكون جسماً، أو حالاً في مكان.
فيكون تأويل الرداء: الآفة الموجودة في أبصارهم، المانعة لهم من رؤيته، وسماه رداء لتنزله في المنع منزلة الرداء الذي يحجب الوجه عن رؤيته، فأطلق عليها الرداء مجازاً، وقوله: ((في جنة عدن)) راجع إلى القوم)) (١) .
فيقال له أولاً: من هم المجسمة؟ ومعلوم أنه يقصد من أثبت أن الله فوق عرشه، وأنه يراه أهل الجنة من فوقهم، ولا شك أن نصوص الكتاب والسُّنَّة في إثبات ذلك أكثر من أن يحاط بها.
وعلى اصطلاح ابن بطال وذويه، كل من أثبت ذلك فهو مجسم. والله - تعالى - قد أثبت ذلك لنفسه، وأثبته رسوله له، ونحن نتبع ذلك، سواء سماه أهل البدع تجسيماً شنعوا على من اعتقده، أو قاله، أو لم يسموه، فإنه هو الحق الذي لا مرية فيه عند أهله.
وأما قوله:((لما ثبت من استحالة أن يكون - سبحانه - جسماً، أو حالاً في مكان)) فكما سبق أن هذه البدعة هي التي عُطل رب العالمين من أسمائه وصفاته بها، وأنها الصنم الذي عبده المتكلمون، وصدوا به عباد الله عن معرفته وعبادته بأسمائه وصفاته.